سقوط أسطورة ماسينيسا

ماسينيسا أو المأزق الإستراتيجي الذي وقعت فيه النّظرية القومية البربرية: كل التيارات القومية في العالم تلجأ لإديولوجية معينة تستند إليها كمرجع أساسي في خياراتها السياسية او الإجتماعية.

و تُعْتبر” الأسطورة ” و ” البطولة” للشخصيات التاريخية هي القاعدة الأساسية ترتكز عليها هذه الإديولوجية لتفصيل و صناعة ذاكرة جماعية مُحَرّكةً .

لقد أختار التيار القومي البربري شخصية ” ماسينيسا” التاريخية كمرجع لإخضاع الذاكرة الجماعية و قد تورَّطَ في هذا الإختيار و وجد نفسه في ” مأزق” تاريخي مُعَقّدٌ للغاية.

لم تظهر مُؤشرات و دلالات هذا المأزق ” الإديولوجي” داخل التيار القومي البربري إلا بعد تراجع التيار الإسلامي منذ سنوات و ظهور شخصية الملك ” سيفاكس” في ساحة الأحداث التاريخية ، هذه الشخصية للملك سيفاكس التي ثمثّل القُطب المُنافس و المُتناقـض مع أسطورة ماسينسا و الذي لديه الشرعية في حكم نوميديا. الملك سيفاكس الشرعي الذي قضى عليه الرومان بمساعدة ” ماسينيسا” .

هنا يكمن سرّ الخطأ الإستراتجي في إختيارات ” الشخصية البطولية لماسينيسا” كحجر أساسي في قاعدة التيار القومي البربري.

كل المصادر و الكتب التاريخية الغربية تُؤكد أن ” ماسينيسا” كان يمثل دور “الوكيل” على مصالح روما في افريقية الشمالية ، و الخطاب الشهير للقائد الروماني Scipion يشهدُ على امتنان روما لماسنيسا في استيطانها لأراضي افريقية و يشهد كذالك بمبادرة روما بـ ” تتويج ” ماسينسا و منحه ” الكرسي و عصا القيادة و الملك”. كما يُصَرّحُ خطاب القائد sippion على فرض روما لقوانينها و عُرْفها على ماسينيسا و على سكان شمال إفريقية بما في ذالك أَسْر و إعتـقال الملك الشرعي ” سيفاكس” في سجون روما، و سقوط أتباع سيفاكس من السكان و القبائل تحت الأسر الروماني مثلما قال scippion “أن أتباع الملك سيفاكس و أملاكه قد أصبحوا أسرى و فريسةً و غنيمةً في أيدي روما” . ، و التاريخ يروي أن من بين هؤلاء الأسرى كانت هناك زوجة ماسينسا التي لم تنجُ هي كذالك من الأسر و عجز ماسينسا على صون زوجته و عـرْضه خضوعا للقوانين الرومانية التي سار مفعولها على سكان شمال إفريقية.

ظهر الملك سيفاكس الذي يُمثّل الضحية و الشرعية و الذي مات في سجون المُسْتَعْمر روما، هذا ما أضعف أسطورة ماسينسا ” البطولية” و سقطت كل الحسابات الإديولوجية للتيار القومي و ظهرت استيريا في اللاشعور هذا التيار الذي أصبح يستعمل الترويج العنصري و شنّ هجمات شرسة عنيفة و مجانية ضد كل طبقات المجتمع الجزائري كأنه يجري وراء سراب و يلاحق شبحا و يحارب كابوسا يجري في دمه ألا و هو ” كابوس الملك سيفاكس”.

منطقيا حتى و لو افترضنا أن الملك سيفاكس كان ” بربريا” فهذا يجعلنا نستنج حتميا أن مصالح سيفاكس البربرية نوميدية كانت مشتركة و متلاحمة مع المصالح الفينقية لأن كان هناك انسجام و تصاهر بين العرقين الفينقي/البربري بحكم ان زوجة سيفاكس فينقية و كل الشعب النوميدي كان يتكلم اللغة الفينقية و تشهد المراجع الرومانية أن كلا سيفاكس و ماسينسا كانا يتكلمان اللغة الفينقية، و هذا مايجعلنا نستنتج أن ماسنيسا هو ” الجاني” على ملك سيفاكس الشرعي و على المصالح النوميدية/الفينقية المشتركة و هذا بإدخال و الإستعانة بعنصر أجنبي و قوة أجنبية إستطانية رومانية فوق الأراضي الجزائرية.

إحياء ذاكرة الملك الشرعي سيفاكس حطّمت أسطورة ماسنيسا ” البطل” التي اعتمدها التيار القومي البربرست في تسيير و التحكم في ” الذاكرة الجماعية ” الجزائرية.