الكلتيون : ما عرف بـ (الكلت)أو (السلت) أو (الجالات) هي قبائل أوروبية

هي قبائل أوروبية همجية شمالية عرفت بالعيش القائم على الغزو و السلب و النهب , ظلت تهيم قروناً طويلة في أوروبا دون أن تعرف الاستقرار .
و لقد كانت غزوات تلك القبائل الهائمة أحد الأسباب التي دفعت السوريين في اليونان إلى اتخاذ قواعد أو معاقل على نهر الدانوب من أجل صدّ هجمات تلك القبائل .
و هذا ما قامت به مدينة طيبة التي دأبت على تدريب و وضع حاميات في تلك المنطقة كان من بينها فيليب المكدوني و ابنه الاسكندر اللذان تربيا في جيش طيبة و تسلما تلك المهمة .
ثم , و بعد أن تسلم السوريون العرش الامبراطوري في روما دأبوا على هذا التقليد . و كان سيبتيميو سفيرو العربي الفينيقي أحد الذين أوكلت إليهم هذه المهمة قبل أن يصعد إلى كرسي الامبراطور .
أما التسمية فهي عربية سورية , و هي في الأصل (جليوت) و تعني النهابين , السلابين , الغزاة , و هي في القاموس السرياني من الفعل : جلوي = سبى , أجلى , نهب , سلب , فضح , هتك ... و منه أطلق قدامى السوريون اسم (جاليا) أو (جاليتا) على الأراضي التي كانوا يجوبونها و يتربصون فيها كمنطلق للغزو على الشواطئ الشمالية للمتوسط , و تعني هذه التسمية : أرض الغزاة أو النهابين , و هي بلاد الغال , أو (غاليا) .
و لقد تحولت الجيم (G) في اللاتينية إلى (C) كالعادة , و في بعض اللغات الأوروبية الأخرى إلى K .
يقول مؤلفا (تاريخ الحضارات العام) حول الكلت : (أغاليون هم ؟ فالمصطلح الذي وصلنا بالتقليد المتواتر يفتقر إلى الدقة . ففي مصطلح الفتح الروماني أطلق يوليوس قيصر هذه التسمية على فريق من سكان غاليا , احتل رقعة من الأرض تقع بين نهري السين و المارون , من جهة , و بين الغارون و الرون من جهة أخرى . و عرفت مقاطعتهم باسم جالوي Galoe ... أما الإغريق فقد استعملوا في التعريف بهم كلمة (كلتي) ثم كلمة جالاتي Galate في العهد الهيليني الحديث , تعبيراً منهم عن شعوب و أقوام سكنت مناطق أخرى تمتد من شبه الجزيرة الإيبرية إلى آسيا الصغرى ) (أندريه إيمار و جانين أوبوايه , ص 69)
و يقولان أيضاً : (و هذه التسمية لا يمكن ردها على الإطلاق إلى واقع إثنوجرافي ... و قد صوّروا لنا الكلتي فارع القامة , شديد البأس , أزرق العينين , أمغر الشعر أشقره ) (ص 73)
أما عن سلوك هذه القبائل الهمجية الأوروبية فيقولان : (و بين غزوات البرابرة ابتداءً من مطلع القرن الثالث للميلاد , كانت موجات الكلتيين من أبرز الأحداث في هذا المجال , أدت إلى نتائج تاريخية غاية في الأهمية ,
noureddin477
(و بين غزوات البرابرة ابتداءً من مطلع القرن الثالث للميلاد , كانت موجات الكلتيين من أبرز الأحداث في هذا المجال , أدت إلى نتائج تاريخية غاية في الأهمية , و إن فاتتنا معرفة الكثير منها لعدم توفر المعلومات الخاصة بالوضع السائد قبل وقوعها . فقد جرّت على بعض المناطق تبديلات جذرية , من حيث طبيعة السكان , و أغرقت بين لجج موجاتها امبراطوريات , كما ألحقت الهوان و أنزلت الضعف و المهانة بالبعض الآخر , من بينها مدينة الأتروسك مثلاً , فقد شلوا و ألقوا الرعب في قلب مجتمعات تحضّرت منذ زمن بعيد . كما جعلوا الهلع يدبّ في قلب مدنيات بلغت شأواً عالياً من التطور . فالمعلومات المتوافرة لدينا لا تترك مجالاً للشك في مبلغ الخراب الذي أنزلوه في إيطاليا و العالم الهيليني , فقد كان الشعور العام الذي استحوذ على العالم المتمدن إذ ذاك , و لمدة قصيرة , الشعور نفسه الذي تملكه عندما رأى نفسه وجهاً لوجه أمام غزوات البرابرة التي دكت العالم الروماني . فهل استشعر العالم إذ ذاك أنه امام كارثة دهماء ؟ ... و مهما يكن فالصمت الذي تعتصم فيه مصادرنا لا يخولنا الجزم نفياً أو إثباتاً ... و الظاهر أن الأمر نتج في الغالب , ليس عن انتقال شعب أو قبيلة من القبائل الكبرى بأسرها , بل تم تباعاً بهجرة جماعات في إثر جماعات هامت على وجهها في شتى المناحي و الاتجاهات ... سيان عندهم أأزاحوا الجماعات التي سبقتهم لاحتلال المنطقة , أو انتهزوها فرصة سانحة للسلب و النهب . و همه الأكبر أن تقودهم خطاهم إلى أراضٍ جديدة يحتلونها و يقيمون فيها , و هم على أتم استعداد لبسط سيطرتهم عليها بحد السيف , و لو اقتضاهم الأمر ذبح السكان .
إن هجرة على هذا النحو من الدوران لا ضابط لها و لا وازع , لا يمكن أن تقع تحت مراقبة التاريخ و حصره . إلا أننا نستطيع عن طريق المعلومات المشّعثة التي يمدنا بها علم الأركيولوجيا , و علم الألسنية , إلى جانب ما سجّله الكتّاب القدامى , النتائج التي توصلوا إليها , و هي نتائج تتسم بالعظمة خليقة بالإكبار و التقدير العالي ) (ص 73 -74)
إن هذا الذي استعرضناه يؤكد لنا الحقائق التالية :
1- إن الكلتيين أو الجلتيين لأقوام من همج أوروبا هائمة على وجوهها همّها الغزو من أجل السلب و النهب و التدمير .
2- إن التسمية العربية القديمة (جلويثي) هي الصحيحة و المعبّرة عن هذه الأقوام .
3- إنها , أي هذه الأقوام و أفعالها , لا يمكن أن تتسم بــ (العظمة) و لا يمكن أن تكون (خليقة بالإكبار و التقدير العالي) إلا لدى (مؤرخين) مرضى بداء التعصب لأي شيء غربي , حتى لو كان هذا التعصب للهمجية و القتل , و أكل لحوم البشر , و تدمير الحضارات